يعتمد الهيكل الإنشائي للكون على بنيات متكاملة ومتناسقة لعوالمه المختلفة ، والتي يحكمها العديد من النظم والقوانين الرياضية ، فترتبط جميع الهيئات الطبيعية بقوى ترابطية نابعة من النظام الخاص بها والذي يحدد وجودها وهيئتها ودورها في النظام العام للحياة ، فحقيقة تلك الجماليات الطبيعية إنما يرد إلى القانون البنائي الذي تنتظم على أساسة الأجزاء والعناصر المكونة للأشكال والهيئات الطبيعية .
والشكل صفة تتصف بها الأشياء في كل مرحلة من مراحل الوجود المحسوس ، فالناظر إلى الكواكب والأفلاك يرى تناسقاً شكليا ذا ألوان وأبعاد نظمت في أوضاعها بصورة محكمة ونسب منتظمة ، لأنه لا شكل بلا تكوين ولا صورة بلا تناسق هندسي وفني أو تصميم .
وقد استنتج علمــاء الجمال أن القيم الجمالية للأشكال في الفن والتصميم ، ينبغي لها أن تتشكل في نسبها وتنظيماتها وفق منطق القوى الميكانيكية والرياضية والنظم التي تحكم مسار الأشكال في الطبيعة ، كما يعد استكشاف الإنسان لتلك الطبيعة والعالم من حوله هى أول الخطوات التي خطاها في سبيل إدراك ما تحويه من علاقات ونظم وقوانين .
و في عملية استخلاص النظم من الطبيعة يمر المصمم بالقوانين التي تتحكم في نمو الكائنات الطبيعية ، ويتعرف على النسبة والتناسب فيها ، فنمو الكائنات والنباتات يقوم على أسس من القوانين والنظم الرياضية والهندسية ، وتتسم الكائنات الحية في الطبيعة بطابع الحركة لأنها قابلة للنمو ، كما يرتبط الشكل في الطبيعة بالنظام الذي يتحكم في نموه .
1- الأشكال في الطبيعة
تعد الجوانب الجمالية التي تظهر في بيئة ما فرصة أساسية للمصمم بشكل خاص والفنان بشكل عام يلجأ إليها كقاموس ثرى للألوان والخطوط والأشكال والعلاقات والنظم التي تربط العناصر في تكوينات جميلة معبرة ، والفنان الجيد هو الذي يملك القدرة على تأمل الطبيعة وتمييز مواطن الجمال فيها .
ويوجد التصميم في الطبيعة وحتى في أبسط صورها ، فكل فرد يعى جمال الزهرة أو ورقة الشجر يجد فيهم بعض الحقائق الأساسية الخاصة بالتصميم ، وكلما كانت البيئة جذابة كلما أحس الإنسان بحاجته لأن يعكس جمالها بطريقة أكثر تلقائية . وقد كانت رغبة الإنسان في التعرف على أسرار الطبيعية دافعاً له للبحث في دراسة كيفية بناء الخلايا الحية وطرق نموها في أجزاء النبات والحيوان ، ومن هنا فإن مفهوم الطبيعة لم يعد يعنى تلك المظاهر والعلاقات الخارجية للأشكال ، وإنما يعنى أنظمة محددة تجرى داخل الأشكال وقوانين تتحكم في نمو الكائنات الحية ، كما أصبح يعنى القوة المسيطرة على نظم ونسق الوجود والكون في نموه وتطوره .
ومن الطبيعي أن النظم الهندسية أو الرياضية للأشكال الطبيعية سواء كانت عضوية أو غير عضوية يتحكم فيها العديد من العوامل التركيبية كالتنوع والتناسب والتوازن والانتظام وتعد كلها من أساسيات التصميم التي تنطبق على العمل الفني كما تتحقق في الطبيعة .
و هناك أنواع متعددة من الأشكال والهيئات في الطبيعة ، يتسم كل منها بالتعدد والتنوع ، وتعنى كلمة هيئة (Form ) وجود له بناء ذا معنى ، وشىء كامل في الفراغ مثل الإنسان والشجرة ، والهيئة في الطبيعة بناء قائم على نموذج قد يكون له فرادته وقد يتكرر ، وفى الهيئات الطبيعية كالإنسان والحيوان ، تنتظم الخلايا وتتجمع سويا بشكل منظم لتكون شكلاً متحداً ، يصعب فصل أجزائه عن الكل .