يذهب كروم بارات الى أن التصميم فى القرن العشرين هو اكتشاف خواص التغير الذى يعمل باستخدام قيم مقارنة ، فالموجب حالة للسالب ، والقرب حالة من البعد ، ونحن نشعر ونرى ونحكم عن طريق الفروق ، ولأن مزاحمة الإيجابيات للسلبيات تعبر عن طاقة الإيقاع ، فالتصميم يقدم فترات متناوبة من التغيرات فى موضوع ما ، اى من سيادة الموجب لسيادة السالب ليصبح تصميم ناجح ويكتسب الحضور والدقة ، وبذلك فان عملية التصميم هى جمع بين متناقضات فى اسلوب فنى ممتع .
فالمقصود إذن بالتصميم فى المجال التشكيلى هو عملية تخطيط على عدة مستويات عقلية وتنفيذية ، وهذا التخطيط أو الهدف يدرك مسبقاً فى العقل ويتم تحقيقه بوسائل مختلفة ، وهو أيضاً عملية تحتاج لممارسة مستمرة بهدف التوصل لشكل أو تحقيق خطة أو وجهه نظر وهو بذلك يصبح عملية صياغة واعادة بناء للعناصر والأشكال والألوان من خلال تنويع العلاقات التشكيلية بإحكام واع يخدم بناء العمل الفنى .
وإذا كانت الطبيعة تعد مصدرا رئيسا لتعليم وتعلم التصميم على تنوع اشكاله واتجاهاته – فإن معالجة التصميمات موضوع قديم ويرجع جذوره إلى بداية نشأة الإنسان والحضارات على الأرض ، فعند النظر بعين فاحصة إلى تركيب ترسيب معدنى او تعرق ورقة نبات سنجد أن تلك التصميمات الموجودة فى تلك الأشياء ذات درجة كبيرة من التعقيد ، وبالرغم من تلك التعقيدات فهى تعبر عن القوانين الطبيعية للنمو وبذا تخضع لقانون إلهى رياضى فى تكوينها .
والتصميم الجيد هو صياغة فنية للشكل المبتكر الذى يحقق الغرض منه ، بمعنى أنه قد تم تنظيم أجزائه بخامات مناسبة أى أن الخامات قد أحسن استعمالها ، وفى النهاية إذا كان الشكل العام قد تم أداؤه فى اقتصاد ورشاقة فيمكننا القول بأنه تصميم جيد
والاعتماد على التلقائية وحدها فى ظهور التصميم لا يكفى فى الحقيقة ضماناً بجودة العمل الفنى ، إذا أن التلقائية قد تعنى اللحظة التى يكون فيها الوعى غائباً ، اما التصميم بالشكل الواعى فإنه يتمثل فى عملية البحث ونمو التفكير وإدراك النتائج التى تترتب على علاقات معينة ، فالفرق بين التصميم الناتج عن التلقائية البحتة والتصميم المترتب على دراسة سابقة مرسومة يشبه الفارق بين المعمارى الذى يرسم المبنى والبناء الذى ينفذه بدون تخطيط والذى مهما أجاد فى التنفيذ لن يكون عمله مضمون العواقب لأنه لا يستند بشكل كاف للأسس العملية .
وقد اعتبر التصميم فى عصرنا الحالى نظام انسانى أساسى وأحد الأسس الفنية لحياتنا المعاصرة ، ويكمن الهدف من تعليم التصميم التشكيلى فىالقدرة على الملاحظة باستخدام كل الحواس المتاحة ، وعلى تخيل وتنظيم وربط المعلومات والأشكال فى البيئة المحيطة واكتشاف العلاقات والقوانين فيها ، وممارسة التجارب فى حل المشكلات الفنية ثم تحقيق الغرض من التصميم جماليا او وظيفياً .
نستخلص مما سبق أن العملية التصميمية هى عملية معقدة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالإبداع وابتكار الجديد الذى لم يسبق رؤيته بهذا الكيف وفى ذلك الموضع ، كما ترتبط بالنفع والجمال ، وكذلك بالتكنولوجيا ومستحدثاتها ومعطيات العصر من العلم وانطلاقه الخيال لاستشراف المستقبل ، وتعتمد عملية التصميم على قدرة المصمم على الابتكار لأنه يستغل ثقافته وقدراته التخيلية والإبداعية ومهاراته فى ايجاد عمل يتصف بالجدة كما يجب أن يتصف بالقدرة على التحليل والتكوين بالإضافة إلى المعلومات الخاصــة بالتقنيـــة والدراســـات العلمية وبالحلول الموجودة بالفعل والميول المستقبلية .