ودراسة التصميم لا تقتصر على دراسة الشكل النهائى ،بل تتعرض أيضا للمراحل والخطوات المتتالية لكيفية تنفيذه ، والتى تكشف عن تتابع وتسلسل العمليات الفكرية والتخطيطية للتصميم مما يساعد فى التعرف على الأسس التى بنى عليها والمراحل التى مر بها التصميم حتى وصل لصورته النهائية .
وأسس التصميم لا تقل أهمية عن عناصر التصميم فهى عامل أساسى فى تكامل بناء العمل الفنى والتصميم وهى الصلة بين القوى الداخلية والخارجية فى تكوين الهيئات ، فعناصر التصميم من لون وخط وشكل وملمس وغيرها ، كلها صفات حسية ترتبط بالبصر ، أما الأسس فلا ترى بالعين ولكنها تدرك بالعين والعقل معا ، وهى نتاج تنظيم العناصر ويصعب فصلها عن بعضها البعض وهى بمثابة إرشادات لكيفية إستخدامها .
أولاً : فلسفة التصميم والفــن
التصميم عند استخدامه فى المجال الفنى فإنه يعنى الإبداع والابتكار بمعنى أنه عملية انشاء بصرى بهدف معين ، كما يعرفه مصطفى الرزاز بأنه .. تخطيط لغرض معين أو خطة نمت فى العقل لشىء ما يفرض تنفيذه ، كما يعرفه محمد حافظ الخولى بأنه .. نظام متكامل لتحقيق فكرة محددة من خلال مفردات تشكيلية قائمة على عدد من الأسس البنائية بهدف تحقيق الدلالات التعبيرية وتعكس ما بداخلها من قيم جمالية .
والتصميم من خلال التعريفات السابقة وثيق الصلة بمفهوم الفن على انه نشاط إبداعى ينتهى إلى إبتكارات جميلة ترضى حاجات الإنسان ،لأن التصميم يبدأ بفكرة وينتهى إلى إنتاج هادف ولأن كل من الفكرة والإنتاج نشاط إنسانى له أهدافه ، فإن كلمة تصميم تصبح أكثر دلاله على مجموع العمليات ( الفكرة والأداء معا ).
وقد ذكر ( بيفلين –Bevlin .M) .. أن كل من التصميم والفن مجالان محدودان من النشاط الانسانى فهما متقاربان فى مفاهيمهما الأساسية ، حيث يعتمد العمل فى الفن على إطار ونظام فى التصميم وذلك لتحقيق سماته الجمالية ، ومن ناحية أخرى فإن للتصميم امكانات جمالية قوية ، ولا يوجد أى عمل فنى بدون تصميم ، بمعنى وضع خطة العمل وتقدير ما يستخدم فى بناءه الفنى من خامات وعناصر ونسب تحقيق العمل المنشود ، فالتصميم أساس لمجالات الفنون الجميلة والتطبيقية وبخاصة اللوحات الزخرفية والجدارية والتى لا يخلو كل منها من الفكر واللغة التصميمية .
وإذا جاز التشبيه فإن التصميم كخطة هادفة تبدأ بعملية ولادة فكرية ، والمولود هنا هو الفكرة ، والفكرة الأولى لا تعدو أن تكون أكثر من جنين حديث التكوين يلزمه الكثير من النمو والإضافات حتى يكتمل ويخرج إلى حيز الوجود فى شكل جديد متوازن ومدروس وغالبا ما يتم ذلك من خلال عدة عمليات متتابعة ، ويأتى تناسق الجزء مع الكل على رأس مقومات التصميم الجيد ، فحينما يوجد الكل فإن العلاقة تتقدم من الكل إلى الجزء بمعنى أن تأتى الفكرة الكلية أولا ثم تكتمل التفاصيل بعد ذلك .
و تستند الحركة الفنية التشكيلية فى المقام الأول على وجود الفنان المبدع الذى يمتلك نواحى العملية الفنية ، وما يرتبط بها من أفكار وأساليب وتقنيات ، والمصمم هو ذلك الإنسان الذى يمتلك القدرة على تحويل افكاره وتخيلاته وأحاسيسه إلى تعبير فى شكل مادى ،مستندا إلى ما يمتلكه من مدركات بصرية تؤهله للقيام بذلك النشاط ، وعلى المصمم أن يكون مستعدا لمعالجة المشكلات التى تقابله أثناء عملية التصميم بالإضافة الى تفوقه فى اللغة البصرية التى هى أساس التصميم ، كما أن المصمم عند ممارسته للتصميم فهو لا يحقق منتج فنى معين فقط ، بل يجنى من نشاطه الفنى نوعا من الاستمتاع الجمالى .