الفن الجدارى يمثل فنا جماهيريا يتيح إمكانية لقاء جمهور عريض وجديد بشكل مستمر يختلف عن الجمهور الذى اعتاد التردد على قاعات العرض لأنه جمهور محدود ويسعى وراء الفن للاستمتاع به ، لذلك نجد أن هناك أهمية خاصة للعمل الفنى الجدارى فى تنمية الحس الجمالى للأجيال المختلفة بصرف النظر عن الأعمار نظرا لارتباطه الوثيق بالجمهور العام بكل أنواع طبقاته ، ولذا فالفن الجدارى له الدور الأساسى فى تشكيل البيئة الفنية والثقافية للمجتمع وكذلك كمثير فكرى وثقافى لأفراده .
ومن هنا يعطى العمل الجدارى فرصة للإرتباط المباشر بأنشطة الحياة اليومية تماما كما كان الحال فى الحضارات القديمة مثل الجداريات الفرعونية والأشورية والرومانية ... الخ .
ومما سبق فإن الفن الجدارى يرتبط بمجموعة من الأسس الفنية ، فهو يقوم على المساحات الكبيرة الممتدة ، كما أن له طريقة خاصة فى تلوينه وله طبيعة فنية مركبة وتتعدد فيه المشاهد التقنية والفنية بالإضافة لذلك فهو يعتمد إلى حد بعيد فى إنجازاته على أسلوب العمل الجماعى ، ولذا يصعب كثيرا إنجازه بشكل فردى ، لما يوجد فيه من مشاكل متنوعة سواء من ناحية إرتباطه بالطبيعة المعمارية أو الظروف البيئة لتلك العمارة ومشاكل السطوح وترجمة الهندسيات إلى مادة اولية للتكوينات التى ستقام على جدران تلك العمارة ومدى تناسب الموضوعات مع بيئة وجمهور هذه العمارة .
مضافا إلى كل ما سبق التقنيات الخاصة والمعاصرة التى يتميز بها الفن الجدارى المعاصر والخاصة بالحيل التصويرية التى تتعامل مع أسطح العمارة المتنوعة والمتعددة لجدارنها ومن هنا فإن مجمل مشاكل التقنية والقضايا السابق ذكرها تضعنا أمام مجال فنى ضخم يصعب تصوره كمجال للعمل الفردى بل والأكثر من ذلك يمكن إعتباره مجالا نموذجيا لممارسة العمل الجماعى بأساليب وطرق متنوعة فى أن واحد .
ولتوضيح ذلك نجد أنه يمكن لمجموعة من الفنانين القيام بعمل لوحة جدارية مشتركة تتضمن أساليبهم الفنية المختلفة معتمدين فى ذلك على تكوين واحد يتم الإتفاق عليه بينهم ، ومثال ذلك جدارية مركز القاهرة الدولى للمؤتمرات والتى نفذتها " جماعة المحور " ، حيث تضمنت فكر وأيديولوجيات وأساليب خاصة إرتبطت بفنانيها ، فنجد مضمونها العام يؤكد على الوظيفة التجميلية ، أما مضمونها الخاص فيرتبط بموضوع المعارض الدولية وروموزها الخاصة .
بالإضافة لذلك تتضمن الجدارية معانى وتعبيرات مرتبطة برموز كل فنان حول موضوعات متعددة منها والتى تتحقق فى الآتى :
ـ مضمون هندسى صناعى فى الوحدات الهندسية والعضوية للفنان عبد الرحمن النشار
ـ مضمون اسطورى فى الرموز الشعبية لفرغلى عبد الحفيظ .
ـ مضمون اسطورى فى الرموز الشعبية المصرية القديمة لمصطفى الرزاز .
ويغلب على الأسلوب الفنى للجدارية الطابع التجريدى حيث ساعد على ربط التصميم بالمكان وعلى تقدم الفكرة بلغة شكلية مشتركة يمكن أن يتفهما ويتعايش معها جمهور مركز القاهرة الدولى للمؤتمرات وهو جمهور متعدد الجنسيات وفى نفس الوقت يتأكد الطابع المصرى بوجه عام والطابع الخاص بكل فنان بشكل خاص خلال المفردات التى استخدمت فى بناء العمل ككل وخلال تلميحات الفنانين وتأثرهم بتراثهم المصرى .